10 - 05 - 2025

عاصفة بوح| بندول الوهابية!!

عاصفة بوح| بندول الوهابية!!

بعد إظلام تام لحياتنا العقلية والفكرية وسيطرة أفكار سلفية وهابية على عقيدتنا الوسطية المستنيرة المتحضرة العاكسة لشرع الله، الذى يطالبنا بإعمال العقل والتفكر والذى يذكرنا فى كل كتبه، أنه الرحمن العدل الذى لايفرق بين الناس إلا بالتقوى، والناشر لقيم التسامح والمحبة، وقبول الاختلاف الذى يعكس خلقه.

استيقظنا فجأة على تنكر معقل الغلو والتنطع الدينى لكل ما نشروه ودعموه، متعللين أنها كانت مطالب الحلفاء أو أوامرهم أو مصالحهم السياسية، وأنه آن الأوان أن يفيق العالم الاسلامى من تلك المرحلة السوداء ويستعيد وعيه وينفض عن ظهره تلك الخزعبلات الفقهية التى أساءت للإسلام، كما لم يسىء أعدى أعدائه!

هكذا بكل بساطة صدرت الأوامر، ثم تم سحبها لأسباب ربما لن نعرفها إلا عندما تتغير الامور ويعلن شيوخهم ومطوعيهم أنه تم الضغط عليهم ليصمتوا مطأطئي الرؤوس متعللين بأن موجة التنوير كانت أعلى من أن يتصدى لها أحد، كما أن الله ورسوله يأمرونهم بألا يلقوا بأيديهم للتهلكة، وهكذا دواليك، ونحن مأسوف على وعينا يتم التلاعب بنا فى أهم مكونات حياتنا العقلية والدينية، دون أن تكون لنا يد فى ذلك الموضوع الهام جدا لحمايتنا العقلية!

من نصدق ومن نكذب إذن؟ إذا ما كانوا يصدعون رؤوسنا بتلك الأوامر الذى لا نعرف مصدرها، هل كان عدوا أم حبيبا؟ وإذا ماكان شيوخنا الأجلاء أو شيوخهم المحترمون يمشون على دين ملوكهم، يطوحون بهم يمينا ويسارا، يغرونهم بالمال ويرهبونهم بالعصا، فتتغير الافكار كالبندول تزمتا وانفتاحا، على حسب الريح ما يودي!.

 أقسى شيء علينا.. أن يفقد رجال الدين مصداقيتهم، عبر خلطهم الدين بالسياسة، أو بين  البشرى والمقدس، فيسيئون إلى الاثتين، وأتذكر ان الشيخ محمد الغزالى قد منع  له كتاب له من عقود، اسمه – على ما اتذكر- السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث، وفيه يشير إلى خلط الوهابيين بين شرع الله وعادات وأفكار الوهابيين، خلطا صريحا، بين ماهو مقدس وماهو بشري.. وقتها أدهشتنى جرأة الشيخ الجليل في أشد الاوقات تمكينا للمتطرفين دينيا، وتعجبت أن أحدا لم يتصد له فقهيا وفكريا، إنما كان المنع وسيلتهم  للهروب من المواجهة.. سلاح الضعيف!

والآن..  يصمتون على تجديد الأمير مدعى الليبرالية، لكل التقاليد الصحراوية، سلوكا ومجتمعا وفقها – أي ماهو تفسير إنسانى للنص القرآني- ربما نسمع همهمات على الشبكة العنكبوتية، ولكن لم نسمع اعتراضا أو دفاعا عن أفكارهم السلفية الظلامية، من عتاة شيوخهم الذين حولوا حياتنا الى جحيم مقيم، وبعدما كنا القدوة والريادة، أصبحنا صورة غليظة من حياتهم الأكثر غلظة ومخاصمة للعصر والدين معا!.

وكان من الطبيعى أن يستهدفوا الحلقة الأضعف فى تزمتهم وغلوهم .. النساء!

فتم وأدهن أحياء بنصوص ما أنزل الله بها من سلطان.. هجموا على النساء ليعدونهم إلى أحط العصور ظلام وظلم.. كأنهم رسل الشيطان وسبب كل الموبقات.. فتم اعتقالهن فى البيوت الكارهة لحقوقهن وإنسانيتهن، وسجنوهن فى أدوار تليق بعقلياتهم الجنسية الشهوانية والمريضة.

وبدأت غزوة الحجاب والنقاب كأن الإسلام اختزل فى تلك القماشة السوداء التى قد  تقصر عن الشعر أو تطول حتى إخمص القدمين..  وأصبحت هى المعركة الإيمانية الكبرى، تقام من أجلها الحروب إذا ما لزم الأمر، وصمتوا تماما عن أن الدين معاملة، وأن الله أرسل رسوله ليتمم مكارم الأخلاق، وبالطبع لم ينسوا نشر مقولتهم الشهيرة، والتى على أساسها نالوا الأمان وغرقوا فى أموال البترودولار، وهى أن الخروج على الحاكم حرام شرعا! ومن أجل تلك الدعوة السياسية مدفوعة الأجر، تركوهم ينغصوا علينا حياتنا ويكرهون الشباب فى الملة التى اخترعها هؤلاء المشعوذون!

إهانة بالغة طالت المصريات اللاتى كن ملكات فى حضارة التوحيد، فأصبحن فى مخيلتهم جواري ناقصات عقل ودين وهوية وإمكانية وإدراك وضمير، وقاطنات نار جهنم دون العالمين.. هكذا أصبحن فى غفلة من الزمن والعقل مجرد شيء بلا هوية أو حقوق! 

 رفضت الكثيرات تلك الإهانة والصورة المزرية، وقاومن ودفعن الثمن من احتقار المجتمع لهن، على أساس أنهن خارجات عن الإجماع والملة.. وأصبحت السافرات مستباحات، ورمزا للرذيلة وكل الشرور،  أما عن كراهية الآخر- أهل الكتاب- فلم يتعرض أشقاؤنا الأقباط لمظالم وعدوان كما حدث فى عهود ظلامهم، بعدما عشنا فى وئام عقودا طويلة، حتى جاء من يدق الإسفين بين المصريين، ليشقوا لحمة المعايشة الأزلية والمحبة المستديمة، ويحولوها إلى حروب!!

تلك كانت بعض جرائمهم تجاهنا واليوم يطلعنا أميرهم، أنهم كانوا على خطأ بمنتهى البساطة وأن النساء فى المملكة غير مطلوب منهن غطاء للرأس، إنما مجرد الاحتشام فى الملبس، خاصة عند ذهابهن للمراقص الشرعية!!

لينتقم الله من كل من تلاعب بشرعه لينفذ أجندات مصالح كريهة ولكن دين الله قائم ومحفوظ بأمر الرحمن "إنا نحن أنزلنا الذكر وإنا له لحافظون".. صدق الله العظيم.
-----------------
بقلم: وفاء الشيشيني    

مقالات اخرى للكاتب

عاصفة بوح | علمتني غزة